كوب من القهوى
بعد أن هجرتني الحياة و أبعدتني عن حضن العائلة
هممتُ أتجول بين دموعي و أبحث عن بقايا روابط خلتها تحت الرماد ,
كنتُ أمسح دمعي بكفي الصغيرة , لوحدي ,
ظننتها كبيرة كفاية لتلملم صقيع الوحدة الذي نطقت به عيناي و صرخت
تُعلنُ الضعف و الألم و المعانات ,
هربتُ مع النسيم إلى السطح , و بدأتُ أرصدُ غيوم السماء في فصل البرد ,
بعد أن تجمدت تلك الأشياء التي كانت تخرج من عيني دون أن أشعر ,
و بعد أن واستني قطرات المطر تلتها كريات بيضاء كانت تسقُط علي و تداعب وجنتي ,
كانت باردة , صغيرة و قوية , مكثتُ هناك حتى شعرتُ بأن الثلج بدأ ينتقم
مني , و يهاجمُ جسدي الصغير الذي لم يرث غير المرض و الحزن ُ
حتى شقَ طريقهَ ألي و أعطاني كوب قهوة , لا زلتُ صغيرة و لكنه أعطانيها مع ابتسامه,
أغربُ شيء هو أني رأيتُ عينيه و هما تَنطقان بكلمات لم أفهمها ,
فلم يسعني إلا أن أُحدق بهما لعلي أفهم شيء , لكني انتبهتُ لنفسي ,
فعلى صغر سني أعلم أن النظر بعيني شخص هكذا عيب,
و لكن ما ذنبي و أنا أريد أن أعرفَ إن كان اللمعان مكراً أم حزناً و ألمً ,
غيرتُ النظري إلى الكوب .
شكله لم يكن غريباَ , اجتاحني شعور غريبٌ عندها ,
و بدأتُ أشعر بأن اللظى يخرج مني , أظن أني كنتُ في موقف محرج ,
نظرتُ إلى القهوة احتسيتها دفعتَ واحدة لأنها أملي في مقاومة ذلك البرد
الذي أردته أن يجمد مشاعري ,
كرهتُ القهوة ,و رائحتها ذات مرة لكن اليوم أحببتها .
....
أريد رأيكم في كلمات قد خرجت مني عنوة لا مخيرة
و لا أخفيكم أني أخفي بينها شيء كثير .