من أمام فيلا أحد الأثرياء - الذي اشتهر عنه انتصاراته على أذكى اللصوص - في كل يوم كان يمر ثلاثة من الرجال ذووا ملامح غريبة، كانت وجوههم كأنها قد سلقت بماء ساخن فذهبت تضاريسها وتشوهت، وكانوا يرتدون الملابس الرياضية ويهرولون لأكثر من ساعتين ويتمرنون بشتى أنواع التمارين.
إعتاد صاحب الفيلا منذ سنوات طوال على الجلوس في هذا الوقت الذي يمرون فيه الرجال الثلاثة بالذات من كل يوم في شرفته ليحتسي الشاي ويقرأ في أحد كتبه وكانت تلك أكبر متعة يعرفها لذا هو لم يكن برغم ذكائه الحاد وفطنته المتقدة وشدة ملاحظته لم يكن يعير كثير اهتمام لما يحدث في الطريق أمامه.
وكان للثري ولدين قد انشغل كل منهما في حياته الخاصة واكتفيا بالاطمئنان على أبيهما من خلال الاتصال الهاتفي واعتاد هو منهم ذلك.
في فجر أحد الأيام استيقظ صاحب الفيلا من نومه ليجد نفسه وجهاً لوجه مع الرجال الثلاثة في غرفة نومه وبلا مقاومة منه قاموا بتقييده وخطفه مغمض العينين وخرجوا به من الفيلا بهدوء لعلمهم أن هذا الوقت بالذات لا يخرج فيه أحد من أهل الحي.
في مخبأ العصابة السري أجلسوا الثري على كرسي وفكوا وثاقه ورفعوا العصابة عن عينيه ووقفوا من حوله فقال زعيمهم للثري: هل تعلم لما قمنا بخطفك ؟.
فلم يرد عليه الثري فقال: لست أنتظر منك إجابة سوف أقول لك، أعلم أنك تظننا نريد مالك فقط وبالرغم من أن هذا صحيح إلا أن السبب الرئيسي لخطفك هو ما تدعيه ويظنه الآخرون بك من ذكاء، لذا قررت أنا أن أضع حدا لادعاءاتك، وضعت أنا خطة خطفك وأخذ بعض مالك لتعلم أنك لست ذكياً بما فيه الكفاية، وأن كل ما قمت به من تدابير وخطط وقائية سوف يكون بذكائي أنا السبب لسلب مالك، ثم التفت الزعيم إلى صاحبيه وقال وهو يشير إلى أحدهما: هذا نطلق عليه المبدع وهو اسم على مسمى.
ثم فتح صندوقاً كان يقف بالقرب منه وأخرج قناعاً لا يستطيع إلا الخبير تفريقه عن وجه الثري وارتداه وقال ضاحكا: أليس هذا وجهك، هذا ما صنعه المبدع بيديه، إنه تحفه أليس كذلك ؟، انظر إلى نفسك.
ففتح الثري عينيه بدهشة وهو ينظر إلى القناع الذي أشعره وكأنه ينظر إلى نفسه في المرآة.
نزع الزعيم القناع وهو يضحك وقال: أرى الدهشة في وجهك، سوف أطلعك على كل شيء، كل شيء، ولن أبخل عليك إلا بشيء واحد وأرجو أن تعذرني، فلكل خطة ناجحة سر إذا كشف تعرضت للفشل.
استدار الزعيم بحركة استعراضية وهو يشير إلى صاحبه الثاني ويقول: وهذا المهندس وهو متخصص في الشبكات الإلكترونية، ولا أنسى أن أعرفك بنفسي أنا العقل المدبر، ويمكنك تسميتي بالزعيم، وأحب أن أعلمك أننا نعرف عنك كل شيء حتى طريقتك في تضليل اللصوص نعرفها جيداً.
صمت الزعيم لحظات ثم عاد يقول: أعرف أنك لم تترك أي شيء ثمين في منزلك وأعرف أيضاً أنك لم تسجل أي شيء من أملاكك الثابتة والمنقولة باسمك وإنما سجلتها باسمي ولديك وأعلم كذلك أنك أعطيت تعليماتك لولديك بأن لا يصرفا أي مبلغ كبير كفدية دفعة واحدة في حال خطفك ما لم يسمعا منك كلمة السر المتفق عليها بينكما وأزيدك من الشعر بيتناً أعلم كذلك أن كلمة السر تلك مشفرة بحيث لو تغير فيها حرف لا تفقد معناها ولكن يفهم منها ولداك أنك تحت التهديد فلا يستجيبان لطلب الصرف منك.
ثم جلس الزعيم وأشعل سيجارة وراح يحدق بالثري بصمت للحظات ثم قال: هل أدهشتك ؟، حسناً، لا تريد الكلام، بصراحة لا ألومك، أظنك تشعر الآن بالهزيمة في قرارة نفسك لتفوق ذكائي على ذكائك، ولكن مهلاً ليس هذا وقت الحزن، استمع إلى خطتي العبقرية واستمتع بعدها بالحزن على ثروتك وذكائك الضائعين.
أخذ الزعيم نفس من سيجارته ونظر إلى سقف الغرفة وقال بغرور: سوف يذهب المبدع بعدما يرتدي القناع ويتصل بولديك ويبلغهم رغبتك بالاجتماع معهما في الفيلا وأظن هذا لا يتطلب كلمة سر، أليس كذلك، وحين يأتيان سوف يبلغهما ببساطة بتغيير كلمة السر بكلمة جديدة وبعد عدة أيام سوف يتصل بهما هاتفيا ليبلغهما برغبتك الكريمة بالتبرع بنصف مالك لهيئة خيرية، نعم، استنتاجك صحيح، ما هذه الهيئة الخيرية إلا أنا، أسسها المهندس الذي سوف ينقل الأموال منها فور تبرع المبدع بالنيابة عنك طبعا ومن ثم محوها من الوجود وعدم ترك لها أي أثر.
ثم صمت لحظات ونظر إلى الثري وهو يبتسم وعاد يقول: لم تقل لي ما رأيك في خطتي ؟.
بقي الثري ينظر إلى الزعيم بصمت.
الزعيم: أممم، حسناً، لا تريد التحدث معي، لا يهم.
التفت الزعيم إلى المبدع والمهندس وأشار إليهما بعينه لتنفيذ العملية فخرجا فورا، وعاد الزعيم ينظر للثري ويقول: بما أن عمل صاحبي سوف يطول قليلا دعنا ندردش لقطع الوقت، أريد أن أسألك عن شيء حيرني، لاحظت قبل خطفك بيوم أو بيومين أنك قمت بوضع عبارة على باب الفيلا الرئيسي تقول (الأحمق فقط من يرى نفسه أفضل الجميع ) فهل كنت تقصدنا بعبارتك تلك ؟!.
فالتزم الثري الصمت والهدوء.
الزعيم : لما لا ترد ؟.
نظر الثري إلى الزعيم نظرة ذات مغزى وأتبعها بابتسامة أثارت حنق الزعيم فقال بعصبية: يا لك من مغرور.
مرت ثلاث أيام على خطف الثري واحتجازه وهو صامت لا يتكلم رغم محاولات الزعيم المتكررة والمتنوعة ولما ضاق الزعيم ذرعاً بصمت الثري ويأس من استنطاقه أقسم له وتعهد بأنه سوف يدعه هو وماله إن هو كشف له سر صمته.
فأشار له الثري طالباً ورقة وقلم.
وحين أحضر الزعيم الورقة والقلم كتب الثري: أطلقني وأنا أعاهدك بدوري أنني سوف أجيب لك عن سر صمتي.
فقال الزعم: كيف تجيبني بعدما أطلقك، هل تظنني أحمق لأعطيك عنواني لتراسلني ؟!.
كتب الثري: أعدك بعد ما تطلقني أن أكتب لك رسالة وأضعها لك في مكان نتفق عليه بوقت قصير لا يكفي لإبلاغ الشرطة.
نظر الزعيم إلى الثري بيأس وقال: حسناً، سأفعل، فإن أنا خسرت هذه الجولة معك، أعدك أن خسارتي لن تدوم إلى الأبد، وأنك سوف تدفع ثمن عدم وفائك بعهدك إن لم تفي به.
ثم قام بعصب عيني الثري وشد وثاقه وأعاده إلى الفيلا بنفسه وابتعد عنها واختبأ فشاهد الثري وهو يضع الرسالة في المكان المتفق عليه فأخذها وفر هارباً دون أن يقرأها.
وحين عاد الزعيم إلى مخبأه وجد المبدع والمهندس في أشد حالات غضبهما وهما ينتقدانه على تركه الثري يرحل.
الزعيم وهو يفتح الرسالة: مهلاً حتى نقرأ الرسالة.
جاء برسالة الثري: (أنت قلت في معرض ثرثرتك عن خطتك العبقرية أنك سوف تشرح لي كل شيء إلا شيء واحد جعلته سرك لذا فكرت في خطتك وظهر لي أنه لن يحتاج مهندسك الإلكتروني لإقناع ولدي بأن من يتحدث إليهما هو أبوهما فعلاً بعدما أتقنت صناعه القناع إلا لصوتي لذا آثرت الصمت وما أفسد عليك خطتك الذكية سوى ثرثرتك الغبية).
فالتفت الزعيم إلى صاحبيه وقال بإحباط: صدق، ولكن لم يكن هذا بسبب ذكائه، بل كان بسبب غبائي، وما كانت ثرثرتي إلا استدراجا له ليتحدث فأسجل صوته، تبا له لقد أفسد خطتي.
إعتاد صاحب الفيلا منذ سنوات طوال على الجلوس في هذا الوقت الذي يمرون فيه الرجال الثلاثة بالذات من كل يوم في شرفته ليحتسي الشاي ويقرأ في أحد كتبه وكانت تلك أكبر متعة يعرفها لذا هو لم يكن برغم ذكائه الحاد وفطنته المتقدة وشدة ملاحظته لم يكن يعير كثير اهتمام لما يحدث في الطريق أمامه.
وكان للثري ولدين قد انشغل كل منهما في حياته الخاصة واكتفيا بالاطمئنان على أبيهما من خلال الاتصال الهاتفي واعتاد هو منهم ذلك.
في فجر أحد الأيام استيقظ صاحب الفيلا من نومه ليجد نفسه وجهاً لوجه مع الرجال الثلاثة في غرفة نومه وبلا مقاومة منه قاموا بتقييده وخطفه مغمض العينين وخرجوا به من الفيلا بهدوء لعلمهم أن هذا الوقت بالذات لا يخرج فيه أحد من أهل الحي.
في مخبأ العصابة السري أجلسوا الثري على كرسي وفكوا وثاقه ورفعوا العصابة عن عينيه ووقفوا من حوله فقال زعيمهم للثري: هل تعلم لما قمنا بخطفك ؟.
فلم يرد عليه الثري فقال: لست أنتظر منك إجابة سوف أقول لك، أعلم أنك تظننا نريد مالك فقط وبالرغم من أن هذا صحيح إلا أن السبب الرئيسي لخطفك هو ما تدعيه ويظنه الآخرون بك من ذكاء، لذا قررت أنا أن أضع حدا لادعاءاتك، وضعت أنا خطة خطفك وأخذ بعض مالك لتعلم أنك لست ذكياً بما فيه الكفاية، وأن كل ما قمت به من تدابير وخطط وقائية سوف يكون بذكائي أنا السبب لسلب مالك، ثم التفت الزعيم إلى صاحبيه وقال وهو يشير إلى أحدهما: هذا نطلق عليه المبدع وهو اسم على مسمى.
ثم فتح صندوقاً كان يقف بالقرب منه وأخرج قناعاً لا يستطيع إلا الخبير تفريقه عن وجه الثري وارتداه وقال ضاحكا: أليس هذا وجهك، هذا ما صنعه المبدع بيديه، إنه تحفه أليس كذلك ؟، انظر إلى نفسك.
ففتح الثري عينيه بدهشة وهو ينظر إلى القناع الذي أشعره وكأنه ينظر إلى نفسه في المرآة.
نزع الزعيم القناع وهو يضحك وقال: أرى الدهشة في وجهك، سوف أطلعك على كل شيء، كل شيء، ولن أبخل عليك إلا بشيء واحد وأرجو أن تعذرني، فلكل خطة ناجحة سر إذا كشف تعرضت للفشل.
استدار الزعيم بحركة استعراضية وهو يشير إلى صاحبه الثاني ويقول: وهذا المهندس وهو متخصص في الشبكات الإلكترونية، ولا أنسى أن أعرفك بنفسي أنا العقل المدبر، ويمكنك تسميتي بالزعيم، وأحب أن أعلمك أننا نعرف عنك كل شيء حتى طريقتك في تضليل اللصوص نعرفها جيداً.
صمت الزعيم لحظات ثم عاد يقول: أعرف أنك لم تترك أي شيء ثمين في منزلك وأعرف أيضاً أنك لم تسجل أي شيء من أملاكك الثابتة والمنقولة باسمك وإنما سجلتها باسمي ولديك وأعلم كذلك أنك أعطيت تعليماتك لولديك بأن لا يصرفا أي مبلغ كبير كفدية دفعة واحدة في حال خطفك ما لم يسمعا منك كلمة السر المتفق عليها بينكما وأزيدك من الشعر بيتناً أعلم كذلك أن كلمة السر تلك مشفرة بحيث لو تغير فيها حرف لا تفقد معناها ولكن يفهم منها ولداك أنك تحت التهديد فلا يستجيبان لطلب الصرف منك.
ثم جلس الزعيم وأشعل سيجارة وراح يحدق بالثري بصمت للحظات ثم قال: هل أدهشتك ؟، حسناً، لا تريد الكلام، بصراحة لا ألومك، أظنك تشعر الآن بالهزيمة في قرارة نفسك لتفوق ذكائي على ذكائك، ولكن مهلاً ليس هذا وقت الحزن، استمع إلى خطتي العبقرية واستمتع بعدها بالحزن على ثروتك وذكائك الضائعين.
أخذ الزعيم نفس من سيجارته ونظر إلى سقف الغرفة وقال بغرور: سوف يذهب المبدع بعدما يرتدي القناع ويتصل بولديك ويبلغهم رغبتك بالاجتماع معهما في الفيلا وأظن هذا لا يتطلب كلمة سر، أليس كذلك، وحين يأتيان سوف يبلغهما ببساطة بتغيير كلمة السر بكلمة جديدة وبعد عدة أيام سوف يتصل بهما هاتفيا ليبلغهما برغبتك الكريمة بالتبرع بنصف مالك لهيئة خيرية، نعم، استنتاجك صحيح، ما هذه الهيئة الخيرية إلا أنا، أسسها المهندس الذي سوف ينقل الأموال منها فور تبرع المبدع بالنيابة عنك طبعا ومن ثم محوها من الوجود وعدم ترك لها أي أثر.
ثم صمت لحظات ونظر إلى الثري وهو يبتسم وعاد يقول: لم تقل لي ما رأيك في خطتي ؟.
بقي الثري ينظر إلى الزعيم بصمت.
الزعيم: أممم، حسناً، لا تريد التحدث معي، لا يهم.
التفت الزعيم إلى المبدع والمهندس وأشار إليهما بعينه لتنفيذ العملية فخرجا فورا، وعاد الزعيم ينظر للثري ويقول: بما أن عمل صاحبي سوف يطول قليلا دعنا ندردش لقطع الوقت، أريد أن أسألك عن شيء حيرني، لاحظت قبل خطفك بيوم أو بيومين أنك قمت بوضع عبارة على باب الفيلا الرئيسي تقول (الأحمق فقط من يرى نفسه أفضل الجميع ) فهل كنت تقصدنا بعبارتك تلك ؟!.
فالتزم الثري الصمت والهدوء.
الزعيم : لما لا ترد ؟.
نظر الثري إلى الزعيم نظرة ذات مغزى وأتبعها بابتسامة أثارت حنق الزعيم فقال بعصبية: يا لك من مغرور.
مرت ثلاث أيام على خطف الثري واحتجازه وهو صامت لا يتكلم رغم محاولات الزعيم المتكررة والمتنوعة ولما ضاق الزعيم ذرعاً بصمت الثري ويأس من استنطاقه أقسم له وتعهد بأنه سوف يدعه هو وماله إن هو كشف له سر صمته.
فأشار له الثري طالباً ورقة وقلم.
وحين أحضر الزعيم الورقة والقلم كتب الثري: أطلقني وأنا أعاهدك بدوري أنني سوف أجيب لك عن سر صمتي.
فقال الزعم: كيف تجيبني بعدما أطلقك، هل تظنني أحمق لأعطيك عنواني لتراسلني ؟!.
كتب الثري: أعدك بعد ما تطلقني أن أكتب لك رسالة وأضعها لك في مكان نتفق عليه بوقت قصير لا يكفي لإبلاغ الشرطة.
نظر الزعيم إلى الثري بيأس وقال: حسناً، سأفعل، فإن أنا خسرت هذه الجولة معك، أعدك أن خسارتي لن تدوم إلى الأبد، وأنك سوف تدفع ثمن عدم وفائك بعهدك إن لم تفي به.
ثم قام بعصب عيني الثري وشد وثاقه وأعاده إلى الفيلا بنفسه وابتعد عنها واختبأ فشاهد الثري وهو يضع الرسالة في المكان المتفق عليه فأخذها وفر هارباً دون أن يقرأها.
وحين عاد الزعيم إلى مخبأه وجد المبدع والمهندس في أشد حالات غضبهما وهما ينتقدانه على تركه الثري يرحل.
الزعيم وهو يفتح الرسالة: مهلاً حتى نقرأ الرسالة.
جاء برسالة الثري: (أنت قلت في معرض ثرثرتك عن خطتك العبقرية أنك سوف تشرح لي كل شيء إلا شيء واحد جعلته سرك لذا فكرت في خطتك وظهر لي أنه لن يحتاج مهندسك الإلكتروني لإقناع ولدي بأن من يتحدث إليهما هو أبوهما فعلاً بعدما أتقنت صناعه القناع إلا لصوتي لذا آثرت الصمت وما أفسد عليك خطتك الذكية سوى ثرثرتك الغبية).
فالتفت الزعيم إلى صاحبيه وقال بإحباط: صدق، ولكن لم يكن هذا بسبب ذكائه، بل كان بسبب غبائي، وما كانت ثرثرتي إلا استدراجا له ليتحدث فأسجل صوته، تبا له لقد أفسد خطتي.