يقول د.أحمد يحيى عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع جامعة قناة السويس إن تأثير الأسرة فى الأبناء يبدأ منذ بداية الحمل فيتأثر الجنين بما يحيط بالأم من انفعالات، ثم مرحلة الطفولة: فكل موقف يمر به الابن يؤثر فيه وتظهر فى معاملاته وسلوكه وتساعده على النجاح أو الفشل، وخاصة خطوات الآباء وملامح سلوكهم لأنهم المثل والقدوة بالنسبة لهم يتبعون الخطوط الظاهرة كما يقلدون التصرفات والصفات الضمنية التى تحملها كلماتهم ومعاملاتهم ويؤثر ذلك على حياة الأبناء.
ويؤكد أن تأثير المشاكل والخلافات الزوجية على الأبناء يكون قوياً، ويضاف إلى ذلك العنف المنزلى الممارس من الوالد على الزوجة من ناحية وعلى الأبناء من ناحية أخرى، وقد تصل الخلافات بأن يتزوج الأب من أخرى فيشكل ذلك مأساة للأبناء فيعانون مشكلات نفسية تعوق تقدمهم وتؤدى إلى فشلهم الدراسى، حتى إن الكثير من أمراض الأطفال النفسية والعصبية غالبا ما تكون نتيجة هذه الخلافات حتى التبول اللاإرادى الذى يعانى منه الأطفال الأكبر سنا هو نتيجة الصراع الذى يحدث بين الأبوين، ونادراً ما يلمس الأبناء مشاعر الحب بين آبائهم وأمهاتهم لأن الحب من وجهة نظر الاب يعتبر عيبا وضعفا إذا أبداه تجاه زوجته، لهذا لا يشعر الأبناء بالأمان والاستقرار.
ويضيف أن كثرة النزاع والشقاق بين الوالدين تؤدى إلى انحراف الأبناء، وتجعلهم يهربون من محيط الأسرة إما بالعزلة والانطواء، أو بالبحث عن البديل، وفى الغالب تكون الرفقة التى تلعب دورًا فى تشكيل الجانب السلوكى للأبناء، فيتعلمون التدخين، السهر حتى الصباح خارج المنزل، والهروب من المدرسة، والسرقة، والكذب، وفرض الرأى بعصبية، وعدم احترام من هم أكبر سناً.
لذلك يؤكد د.يحيى أنه يجب ألا تكون الخلافات الزوجية أمام الأطفال، إذ لا بأس أن يرى الأطفال خلافًا بين الحين والآخر، على ألا يتحول الخلاف لإيذاء الآخر بالإهانة أو الضرب، وينتهى بالوصول إلى حل يرضى الطرفين وذلك أمام الأطفال، لأنه من خلال ذلك يتعلمون أسلوب حل المشكلات، كما يتعرفون على الواقع أيضًا، أما إذا كان الزوجان غير قادرين على ذلك فمن الأفضل لأبنائهم ألا يشهدوا تلك الخلافات.
ويحذر من إقحام الأبناء فى الخلافات فقد يلجأ أحد الأبوين إلى استمالة الأبناء ليكونوا فى صفه، وهذا الموقف له آثار خطيرة على نفسية الأطفال ويضعهم فى موقف صعب، إذ عليهم أن يختاروا بين أحدهما، لذلك يجب على الوالدين التفكير فى مصلحة الأبناء وتغليبها على مصلحتهم الخاصة، ونشر الوعى بين الأسر حول ضرورة تحمل الأبوين مسئولية الأبناء وتوصيلهم لبر الأمان من خلال نشر القيم والمفاهيم الدينية وتعزيزها بين أفراد المجتمع، كذلك القيام بأنشطة عائلية منظمة مثل الصلاة وتناول وجبات الطعام معاً والرياضة، مع عدم انشغال الوالدين فى العمل وترك الأبناء، وأخيراً يجب أن يرى الأبناء حالات الصفاء والود بين الزوجين.